![الفنان جهاد عبده عن فيلمه الأجنبي المرتقب: قصص اللاجئين أبكت طاقم العمل]()
أنهى الفنان السوري جهاد عبده مؤخراً تصوير فيلمه الأخير «Bon voyage» بمشاركة عدد من النجوم العالميين أمثال آنّا لورا، شتيفان كوبسر وإخراج المخرج الألماني السويسري مارك ويلكنيس.
وفي اتصال خاص لـ «القدس العربي» مع الفنان جهاد عبده تحدث عن بوادر فكرة الفيلم فقال «تردد المخرج مارك على الأماكن التي يسافر منها اللاجئون السوريون قاصدين الدول الأوروبية، وساهم في تقديم يد العون لهم عن طريق تنظيم حملات إغاثية وتأمين مستلزماتهم الحياتية من طعام وشراب ولباس.
ورأى فيهم أناساً وديعين لا يهمهم سوى الهروب من الموت المحدق بهم من كل جانب، وخلع تهمة الإرهاب والتطرف عنهم بعدما تركوا وراءهم ذكريات ومآسٍ علقت على جدران بيوتهم، وبعدما سمع مئات القصص المؤلمة وشاهد بعينيه الحالة المأساوية التي يعيشها اللاجئون العالقين في اليونان في جزيرة ليسبوس، آثر الذهاب بنفسه لتوثيق كل هذه القصص. وكما بدايات الثورة وثق مارك بعدسة هاتفه المحمول كل ما رأى، واستشار صديقه المنتج في سويسرا أن ينتجوا فيلماً قصيراً بالفيديوهات والصور التي سجلها على هاتفه المحمول، إلا أن المنتج تشجع للفكرة أكثر واقترح تصوير فيلم قصير بتقنيات أكبر وعرضه في المهرجانات الدولية والعالمية، مع انتقاء أبطال مناسبين لهذه الأدوار، وبالفعل هذا ما كان».
وفي الحديث عن تفاصيل الفيلم قال الفنان جهاد «الفيلم يتناول الجانب الإنساني من حكاية اللاجئين، حيث أن بطلي القصة الزوجين سلفيا وجوناس كانا في رحلة بحرية في البحر المتوسط لكنهم فوجئوا بقارب يحمل عشرات اللاجئين، وهنا يبدأ الصراع بين الزوجة التي تخشى مساعدتهم بسبب خوفها من وصولهم إلى أوروبا وبين الزوج الذي يتحمس لإنقاذهم، ومع حالة الصراع التي يعيشها البطلان تهب العواصف في البحر لتغرق هؤلاء اللاجئين ويفتح البطلان عيناهما على عشرات الجثث المرمية على الشاطئ، فتسود هالة من الحزن والأسى لمصير هؤلاء مع شعور بالذنب تجاههم». الفيلم تدور أحداثه في المنطقة الواصلة بين تركيا واليونان والتي باتت معبرا للاجئين هناك، وتصل مدة عرضه إلى 25 دقيقة، ولاقى الفيلم مع بدايات عرضه في أمريكا إقبالاً جماهيراً حاشداً دعى المتفرجين للجلوس على الأرض. كما نال الجائزة الأولى للجنة التحكيم في أمريكا، ويستعد طاقم العمل لعرضه في 40 مهرجاناً عربياً ودولياً من ضمنها مهرجان برلين للأفلام القصيرة ومهرجان جرش ومهرجان قرطاج ومهرجانات أخرى في جنوب افريقيا وبيلاروسيا وسويسرا.
ولدى سؤالنا الفنان جهاد عبده عن تفاعل الممثلين مع العمل أجاب «العمل لم يكن مجرد فيلم ينتظر فيه الممثلون أدوراهم المكتوبة فيمثلونها ثم ينصرفون إلى أشغالهم، بل كان رغبة حقيقية منهم بتقديم أي شيء للشعب السوري الذي خذل من الجميع، وطوال فترة العمل على تنفيذ الفيلم لم تكن الدموع تفارق أحداً منا، وكانت مشاهد الألم والأسى حاضرة لدينا، حتى بتنا نشعر بأن جثث اللاجئين الغارقين معنا، وأجساد من تمكنوا من الوصول إلى أوروبا بلا عائلاتهم تحادثنا، المواطن الأوروبي رغم كل شيء ما زالت لديه نزعة إنسانية بغض النظر عن السياسيين من أصحاب المصالح غير المنتهية في بلدنا».
أما عن أهمية دور الفن في المرحلة التي باتت الكلمة للسلاح فيها فيقول الفنان «أنا فنان وما زلت أؤمن بدوري الحقيقي في التغيير، ما زلت أرفض العنف وكل ما يهمني تكريس القيم الإنسانية والحرية وتسليط الضوء على معاناة الشعب الحقيقية بأي وسيلة كانت ولعل هذا الدور هو الدور المنتظر لذلك. واجبي كفنان أن أحرر شعبي من الظلم عن طريق فني ولأن الظلم لن ينتهي فالفن أيضاً لن ينتهي، ومن هنا فإن مسؤوليتي لن تنتهي.»
وما بين ثلاثية مدرسة الحب التي تحدثت عن قصص الهجرة واللجوء والتي كانت بمشاركة نجوم سوريين داعمين للنظام عاشوا ورأوا بأم أعينهم مأساة شعبهم وبين العمل المتناول لفنانين أجانب لم يعيشوا أو يروا شيئاً مما عاشه السوريون، فضح السوريون تخاذل نجومهم معتبرين أن الإنسانية لا تتوقف عند جنسية معينة، فمواطنوهم دعموا النظام بشكل كبير ثم تاجروا بمأساة شعبهم، بينما النجوم الغربيين عملوا جاهدين لتسليط الضوء على مأساتهم.
وكان الفنان جهاد عبده قد أنهى تصوير مسلسلي «الولادة من الخاصرة» و»ملح الأرض» ثم غادر سوريا إلى الولايات المتحدة الأمريكية في تشرين الاول/أكتوبر 2011 بعدما تعرض لتهديدات كبيرة من النظام وتلقى إنذارات بالمشاركة في لقاءات تلفزيونية لدعمه، ولم يسلم من التهديدات حتى بعد وصوله إلى أمريكا، وانضم إلى العالمية بعدما شارك الفنانة نيكول كيدمان في فيلم «ملكة الصحراء» كما شارك الفنان توم هانكس في فيلم «هولغرام الملك» إضافة إلى أربعة أفلام أمريكية قصيرة وفيلم كوميدي بدور غير متكلم، أما عربياً فيتجهز لمسلسل «تياترو العسكري» من إخراج رضوان شاهين.
يمنى الدمشقي: القدس العربي